أيَا قَمَراً أَبْدَى مَطالِعَ حُسْنِهِ
وَكانَ وَراءَ الغَيْمِ يَرْنُو بِحُزْنِهِ
تَخَفَّى زَماناً ثُمَّ أَظْهَرَ نُورَهُ
فَأَحْيَا فُؤادَ الصَّبِّ ناعِسُ جَفْنِهِ
رَنَتْ نَحْوَهُ الأجْفانُ إِذْ أُسِرَتْ بِهِ
وَصَدَّقَ نَجْوَى القَلْبِ فِي حُسْنِ ظَنِّهِ
فَناجاهُ يا بَدْراً تَمَكَّنَ فِي دَمِي
وَصارَتْ خَلايايَ ابْتِساماتُ سِنِّهِ
تَجَلَّ لِذاتِي ثُمَّ ذُبْ فِيَّ رَوْنَقا
يُشِعُّ كَما شَعَّ السُّلافُ بِدَنِّهِ
وَفِي الصَّدْرِ فَارْتَحْ مُطْمَئِنّاً مُهَيْمِناً
كَأَنَّكَ لَمْ تَعْرِفْ سِوَى فَيْضِ حِضْنِهِ
وَغَنَّيْتُ أَنْغاماً عَلَى وَقْعِ ضَوْءِهِ
وَكانَ لَذِيذاً أَنْ أُغَنِّي بِلَحْنِهِ
سَلِمْتَ أَيَا بَدْرَ الدُجَى وَتَمامَهُ
فَكَمْ لَكَ مِنْ فَضْلٍ عَلَى حُسْنِ فَنِّهِ
عَزَفْتُ لُحُونَ الحُبِّ وَجْداً وَجِنَّةً
وَأَمْتَعْتُ مِنْهُ ناظِرِي فِي دُجُنِّهِ
وَأَفْدِيهِ بِالرُوحِ الَّذِي ما لَهُ حِمًى
سِواهُ إِذا هاجَ اشْتِياقِي لِحُسْنِهِ
مُعَذَّبَةٌ نَفْسِي إِذا فارَقَ الحِمَى
فُؤادِي وَلٰكِنِّي أَلُوذُ بِرُكْنِهِ
وَيُطْلُبُ مِنِّي أَنْ أَحِنَّ بِلا صَدىً
وَمَنْ يَدّعِي صَدَّ الجِبالِ بِوَهْنِهِ؟
سَأَصْبِرُ لٰكِنْ لَسْتُ أَدْرِي إِلَى مَتَى
أُهَدْهِدُ شَوْقِي كَيْ يَظَلَّ بِوَكْنِهِ؟